تحريم الزنا

تحريم الزنـــا في الإسلام
حرم الله الزنا وحرم كل باب يؤدي إليه فقال سبحانه وتعالى: ) ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا( )سورة الإسراء 32(.وقال تعالى:)ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا( )سورة النور 23(.والزناهو إتيان الشهوة فيما حرم الله تعالى، وهو عمل مناف للفطرة السليمة ويؤدي إلى فساد النظم الإجتماعية من تفكك الأسر و اختلاط الأنساب وانتفاء صلة الأرحام.والزنا سبيل الضلال ، يؤدي إلى فساد نظام التناسل الطبيعي وتبديل سنة الله التي فطر الناس عليها بنظام يهبط بالإنسان إلى دركات الحيوانية والدناءة ...
وهو أداة انحلال البنية الإجتماعية والأخلاقية للمجتمعات .وبالزنى يكثر اليتامى والمشردون وتتنافي المسئولية الفردية عن مواليد غير الشرعيين فتزول شجرة الأنساب ومعها تختفي السلسلة الأبوية الطاهرة فلن تبقى للأصول والشرف معنى ، وتتفشى الأمراض فيهدد ذلك كيان الأمة بالزوال.والإسلام يقر بالغريزة الجنسية باعتبارها إحدى الخصائص الفطرية في الإنسان والحيوان ويقدر حاجة الإنسان إلى إشباعها، ولكنه في ذات الوقت تكفل بإيجاد سبيل مشروع لإشباعها.فجعل الإسلام الزواج نظاما يقوم على بناء العلاقة بين الذكر والأنثى على قاعدة التراضي بعقد بينهما واضح المعالم والآداب محدد الشروط والأٍركان بين المرامي والغايات سماه الله تعالى "ميثاقا غليظا" فقال عز وجل: ) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا ( النساء 22.والنكاح أو الزواج في جانبه العاطفي هو بناء علاقة شرعية تقوم على السكينة والمودة والرحمة.قال تعالى: ) ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ( ) سورة الروم 21(.والزواج في جانبه المادي سنة الأنبياء جعله الله سببا في استمرار الحياة في إطار الأسرة على أساس من المسئولية المادية والمعنوية، فقال تعالى: )وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم( )النور 32. (وجعل للرجال القوامة على النساء ، فقال تعالى: )الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم( )النساء 34(جاء في تفسير الطبرى للآية ،يعني: "بما فضّل الله به الرجال على أزواجهم: من سَوْقهم إليهنّ مهورهن، وإنفاقهم عليهنّ أموالهم، وكفايتهم إياهن مُؤَنهنّ. وذلك تفضيل الله تبارك وتعالى إياهم عليهنّ، ولذلك صارُوا قوّامًا عليهن، نافذي الأمر عليهن فيما جعل الله إليهم من أمورهن" انتهى.فجعل المسئولية المادية منوطة بالرجل دون النساء من إطعام ودواء ولباس وإسكان وذلك يتوافق مع ما أفاء الله على الرجل من القدرة على مواجهة متاعب الحياة المادية وتحمل مسئولية توفير الضروريات التي تقوم عليها الحياة... بينما جعلها مشتركة بينهما في شقه التكويني والعاطفي والتربوي والأخلاقي لضمان ديمومة العلاقة الأسرية على ما تقتضيه الحياة الزوجية ، وما ترتبه من آثار بنيوية في السلم الإجتماعي .وسائل الوقاية من الزنا:وإذا كان الإسلام قد حرم الزنا، فقد وضع للفرد وللجماعة المؤمنة منهجاوقائيا للحيلولة دون الوقوع فيه:فأمر الله المرأة بالستر وعدم إبداء زينتها أمام الرجال الأجانب. فقال تعالى: )يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المزمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما( ) سورة الأحزاب 59.(وأمر المؤمنين والمؤمنات بغض البصر فقال: )قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدينزينتهن إلا لبعولتهن أو آباءهن أو... ( )سورة النور 5(.وأمر بالاستئذان في الدخول وهو من أجل الآداب التي جاء بها الإسلام في نظام العلاقات فقال تعالى: )يأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون( )سورة النور 27. (ونهى عن الخلوة سدا للذريعة وقطعا للشبهة ودرءا لأسباب الوقوع في الزنى لما ثبت في الحديث:فعن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ) إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال: الحمو الموت ( رواه البخاري.قال النووي : المراد في الحديث أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه، لأنهم محارم للزوجة يجوز لهم الخلوة بها ولا يوصفون بالموت.وأضاف: وإنما المراد الأخ وابن الأخ والعم وابن العم وابن الأخت ونحوهم مما يحل لها تزويجه لو لم تكن متزوجة.وقال القرطبي في " المفهوم " : المعنى أن دخول قريب الزوج على امرأة الزوج يشبه الموت في الاستقباح والمفسدة، أي فهو محرم معلوم التحريم، وإنما بالغ في الزجر عنه وشبهه بالموت لتسامح الناس به من جهة الزوج والزوجة لإلفهم )تعودهم( بذلك حتى كأنه ليس بأجنبي من المرأة؛ فخرج هذا مخرج قول العرب: الأسد الموت، والحرب الموت، أي لقاؤه يفضي إلى الموت، وكذلك دخوله على المرأة قد يفضي إلى موت الدين أو إلى موتها بطلاقها عند غيرة الزوج أو إلى الرجم إن وقعت الفاحشة" انتهى من فتح الباري شرح صحيح البخاري ص 244.موقع المكتبة الإسلامية.وعن ابن عباس أن النبي صلى اللهعليه وسلم قال: ) لا يخلون رجل با مرأة إلا مع ذي محرم ؛ فقام رجل فقال: يا رسول الله امرأتي خرجت حاجة واكتتبت في غزوة كذا وكذا قال: ارجع فحج مع امرأتك( رواه البخاري.وعن ابن شهاب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ،لما قدم الشام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا كقيامي فيكم، فقال:أكرموا أصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يظهر الكذب،فيحلف الرجل ولا يستحلف، ويشهد ولا يستشهد، فمن أراد بحبحة الجنة، فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الفذ، وهو من الإثنين أبعد، ولا يخلون رجل بامرأة لا تحل له، فإن الشيطان ثالثهما(. أخرجه النسائي في الكبرى .بحبحة : بضم الباءين وسكون الحاءين :وسط الجنة وأفضلها منزلة.الإسلام يرغب في الزواج:وفي المقابل رغب الإسلام في الزواج ، واعتبره أهم وأقوى مشروع يتأسس عليه النظام الإجتماعي فقال عليه الصلاة والسلام : )يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء( ) رواه البخاري ومسلم.(بالزواج تنشأ الأسرة وتقوى الروابط الإجتماعية ويتراحم الناس فيما بينهم ، وبالزواج يتناسل النوع البشري بطريقة تضمن ديمومة المسئولية الفردية والجماعية ، وبه تحفظ مكانة المرأة أما وبنتا وأختا وزوجا في الإطار الذي أراده الخالق سبحانه سنة جارية متبعة في عباده إلى يوم القيامة.فدعا الشباب إلى الأخذ بالأسباب المادية لتحصيل تكاليف الزواج .و الدولة في الإسلام تناط بها المسئولية في وضع برامج خاصة تحفظ المجتمع من أسباب تفشي الزنا كالخمر والعري والإختلاط غير المشروع ،و محاربة كل ما يثير دافعية إشاعة الفواحش ما ظهر منها وما بطن ،والدولة أيضا تتحمل مسئولية دعم المسار الذي ييسر للشباب استكمال نصف دينهم بالزواج ؛ لأن ذلك يحقق أهم مقاصد الشريعة وهي حفظ الدين والعرض والنسل والمال والعقل.ومن تقدير الإسلام للزواج اعتبره شق الدين ؛ لما له من تأثير مباشر في حفظ الأنساب والأعراض ووقاية المجتمع من كثير من الأمراض النفسية والعضوية ويساهم الزواج بشكل فعال في حل المشكلات الإجتماعية والأخلاقية والأمنية.والزواج يحول دون انتشار الأمراض التي تفتك بملايين الشباب في مجتمعات تفشى فيها الشذوذ الجنسي والإباحية واللوطية والعهر والمخدرات ، وحذر الإسلام من إشاعة الفواحش أشد التحذير فقال تعالى:)إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ( النور 19.وأمر الإسلام غير القادرين على الزواج بالإستعفاف والصبر، ويكون بالإشتغال بالصالحات من الأعمال وملازمة الذكر وقراءة القرآن ، وتجنب دوافع إثارة الغريزة كسماع الغنى وحضور مجالس اللهو والفجور ، ودعا إلى الإكثار من الصيام فجعله من أعظم وسائل الوقاية ، لما له من أثر فعال على النفس في كبح جماح الشهوات وتهدئة هيجان الغريزة الجنسية،خاصة عند فئة الشباب، ريثما تتهيأ لهم أسباب الزواج؛ فيغنيهم الله من فضله.قال تعالى: ) وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله( ) النور 33(وفي الحديث: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : )يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّج ْفَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ«( أخرجه البخاري ومسلم والنسائيوأبوداود والترمذي.وجاء: أي وقاية .اللهم احفظ شبابنا وفتياتنا من التبرج والإنحلال وزينهم بالدين والأخلاق ويسر لهم الزواج وحصن فروجهم وحبب إليهم العفاف والستر، وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

" والذين لا يدعون مع الله الها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله الا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق اثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا الا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما "ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " العينان تزنينان وزناهما النظر "ويقول الامام الشافعي في قصيدة جميلة ورائعة :عفوا تعف نسائكم في المحرم ... وتجنبوا ما لايليق بمسلم ) بضم العين وتشديد الفاء مع الضم في عفوا (من يزن يزن به ولو بجداره ... ان كنت ياهذا لبيبا فافهم) يزن الاولى بفتح الياء ويزن الثانية بضم الياء وتسكين حرفالزاي وفتح النون (ان الزنا دين فان اقرضته ... كان المدين من اهل بيتك فاعلممن يزن بثلاثة الاف درهم ... يزن به ولو بربع الدرهمفاجتنبوا المحرمات حتى لاتقودكم الى المهلكات ومن هنا اوصي الاخوة بالتوبة من كل ذنب وكثرة الاستغفار.


تم بحمد الله

SHARE

حكمة اليوم